الأحد، 31 يناير 2016

مداراتٌ وأقمارٌ... !

في قلب إعصارٍ عاصفٍ = تبعثرَ كياني..
لم أعدْ أبصرُ من الكونِ سوى دوائرَ ذلك الاعصارِ المتلاحقةِ..
اعصارٌ لا مرئيٌّ.. وحدي أنا من أبصره..
ووحدي أنا من صارعتُه وكافحتُ للخروج من أعماقه..

فلما خطوتُ خارج مرتكزِهِ = مترنحةً؛ هويتُ على الأرض أقيُّم خسائري.. وأبكي عند الغروب وحدتي وآلامي..
وهناك في ركن قصيّ عن ذلك الإعصار؛ انزويتُ بحذر أطبّبُ جراحاتي.

فلما جنّ عليّ الليل وتمالكتُ نفسي، والتقطتُ أنفاسي؛ قويتُ على الوقوف ثانية، واعتادت عيناي على التأمل والنظر, وتبينتُ معالم الكون حولي، حتى عادتُ اليّ بسمتي القديمة ثانية.. وحين خطوتُ خارج مخبئي إذا بكَ تبزغُ بدرًا في ظلماءِ سمائي, تشرقُ بهالةِ نورٍ مبهرةٍ لطالما أفقدتني صوابي, وعطلتْ بوصلتي, وشتتْ اتجاهاتي..
فإذا بي أذهل عن حذري وأنزلقُ مسحورةً في قلبِ تلك العاصفةِ التي لحقتْ بي ثانيةً..

وفي عمقِ اعصارِكَ لا تسلْ عني.. فهناك تتبعثرُ مشاعري, وتُنهكُ عواطفي, وتُنكأ جراح روحي..

فتراجعْ أيّها الكائنُ المحدقُ بي..
تراجعْ أيها المتسلّلُ إلى عالمي..
أتعلمْ؟!.. مأساتُك تكمنُ في أنكَ لا تُدركُ تأثيرَ تلك الهالةِ السحريةِ التي تحيطُ بكَ على من حولكَ.. ومأساتي تكمنُ في أنني أدركُ تأثيرها جيدا..
فدعني يا سيدي أهنأ بمداواةِ جروحي كيما أعيشُ.. دعني وحدي ما دمتُ تكتفي بالشروقِ على كوكبي من وقتٍ لآخر..
دعني وحدي ما دمتُ لا تجرؤ على جذبي إلى مدارِكَ الأزليِّ بجرأةٍ وحسمٍ.. فلكلٍ منا مدارٌ خاصٌ به, ولا أظنُّها ستتلاقى يومًا..
فدعنا نُوقفُ هذا الألمَ.. فلا الكواكبُ قدرَ لها أن تصيرَ أقمارًا، ولا الأقمارُ لها أن تدعَ مداراتِها لتسْتَرْوِحَ على الأرضِ!.. وإلى أن يحدثَ ما يغيِّرُ المستحيلَ؛ دعني وحدي بعيدةً عن تأثيراتِ المد والجزر التي تحدثُها بكوكبي لأكُنْ لك من الشاكرين.

بنت اسكندراني