الثلاثاء، 2 ديسمبر 2014

لا تحاولي معي فلن أقرأ القرآن ولن أصلي!.. (قصة حقيقية)


قصة حدثت معي منذ سنوات، ولا أدري ما الذي ذكرني بها هذه الأيام، ولقد كتبتها عل الله أن ينفع بها وبتفاصيلها من حيث لا أدري وفوق ما أؤمل!
قالت بغضب: لا تحاولي معي فأنا لن أقرأ القرآن ولن أصلي، نعم أنا مسجلة في جواز سفري بأني مسلمة لكني لست كذلك منذ زمن، فوفري دعوتك لغيري!
آلمني حديثها ونفرت من أسلوبها فهي تبدو مسترجلة ومتسلطة وطباعها حادة لأبعد حد، وكان علي أن ألقي دروسا دعوية لها ولأمثالها من الخادمات في وزارة الشؤون الاجتماعية بالمدينة المنورة، فأظهرت انصرافي التام عنها طوال الدروس التي هي مضطرة لحضورها لكنها من قوة شخصيتها لا تشاركنا الجلوس في الحلقة رغم أن بيننا نصرانيات وبوذيات، وبعضهن يتأثرن بالقرآن وبسماحة الدين فيعلن إسلامهن، لكنها كانت أشبه ما تكون بزعيمة عصابة متمردة!
كانت تظن أنني سأجبرها ع الحضور مع غيرها، بل فوجئتْ حين طلبتُ من الإدارة المشرفة عليهن عدم إجبارها على الحضور وتركها كيفما تريد، ثم صرت أتعمد أن أسمعها كلاما مؤثرا يفتح  الله به علي في سماحة الإسلام وروعته.
 ويوما بعد يوم كنت أرى انصاتها معنا حين أسترق النظر إليها من بعيد، وكان أكثر ما يشدها هو بساطتي في التعامل مع الخادمات .. فضحكي معهن وتبسطي أكاد أجزم أنه أشد ما أثر بها، فقد كانت تراقب تعاملاتي بتركيز شديد، وترصد كل تحركاتي فإذا ماتلاقت أعيننا استدارت عني بأنفة!
هي تظن أن المجتمع بأسره يشعر نحوهن بالاحتقار، ويتعامل معهن بفوقية واضطهاد، لكن تبسطي معهن كان السهم الأول الذي أصابها.
ويوما بعد يوم كانت تقترب مني وتحاول فتح حديث معي لكن حديثها يأتي جافا مبتورا بسبب كبريائها. وذات يوم لاقيتها في ممر فابتسمت في وجهها فكأنها أومأت لي بابتسامة، فناديتها وقلت لها: لاأدري لم أشعر بأنك ستشاركيننا الدرس يوما ما.. أنا لاأستعجلك، لكني أنتظرك!
نظرت إلي مطولا ثم انصرفت بصمت فوجئت بها بعد أيام تقف في طريقي وتطلب مني أن أحدثها ع انفراد!
فلما جلسنا قالت: أنا لاأصلي ولا أقرأ القرآن ليس لأني لا أحبهما، ثم بكت وأكملت: أنا لا أصلي لأنه لن يقبل مني!
حاورتها: ومن أفتاك بأنه لن يقبل منك؟!
قالت: لقد فعلت كل ذنب يخطر ع بالك.
قلت: ولو!
قالت: كل كل الذنوب.. ألا تفهمين؟
قلت: ولو!
قالت: أنا لا أحدثك عن سرقة أو كذب أو حتى زنا أو شذوذ.. وإنما أحدثك عن أكبر من ذلك.
فاقشعر جسدي وسايرتها وقلت: ولو!
قالت وهي ترفع صوتها بعصبية: لقد قتلت نفسا في أندونيسيا وأعتبر نفسي هاربة من العدالة!
حاولت ألا أبدي انتفاضة جسدي وأجبتها وأنا أحافظ على تماسكي وضبط أعصابي: ولو!
قالت: ماذا؟ أنا قاتلة! والجريمة قيدت ضد مجهول! لقد قتلت رجلا في حانة!
قلت: أتظنين أن التوبة ستقصر عن أمثالك؟!
أتظنين أن الله لا يغفر لك وقد غفر لقاتل قتل
99 نفسا!!
وشرعت أحدثها عنه وعن التوبة، وهي تبكي رغم قسوتها وسواد وجهها!!
قالت: أنت تجالسين قاتلة ألا تخافين وتشمئزين؟! قلت: أنا أرى فيك مالم تريه للأسف في نفسك!
أنت شابة تظهرين القسوة لكن خلف عينيك امرأة رقيقة وإن كانت قاتلة!
ولاأظنك ستقتلين بلاسبب ولامبرر!
قالت: حاول اغتصابي فلم أستسلم لكني كنت قاسية فقتلته وهربت، ولأنه من حثالة المجتمع فلم يعبأ به أحد، ولم تبذل الشرطة جهدا حتى قيدت الجريمة ضد مجهول، لكنني أعرف أنني القاتلة وأعرف أن الله يعلم أنني من قتلته!
 أكملت حديثها:
كان يمكن أن أدعه يفعل ما يريد لأنني لا أمانع عادة، وليس عندي شرف في مثل هذه العلاقات، لكني أبيت وقاومت حتى قتلته!
بعد اعترافاتها صرت أجالسها لفترات ثم قدر الله أن غبت عنهم لأسابيع، ولما عدت توقعت أنها رحلت إلى بلدها، وحين دخلت إليهم فوجئت بمن تلقي نفسها ع صدري وتحتضنني بقوة!
وكانت المفاجأة أنها هي، ولكنها بدت امرأة أخرى تذوب رقة وتواضعا!
قسوتها.. فجرها.. عنادها.. غطرستها..اختفت!
قالت وهي تغالب دموعها: خشيت ألا أراك، فقد حددوا سفري!
وأبشرك أنا أصلي وأحفظ القرآن وسأرتدي الحجاب أيضا، لكن لا أعرف كيف أقضي الصلوات التي ضيعتها؟!
كما أنني أريد رقم هاتفك هذا إذا كنت تسمحين لخادمة أن تحدثك؟
ابتسمت وأنا أتعجب من رحمة الله بها، لقد تابت وأحسبها أحسنت توبتها،لقد أتت المملكة بوجه وعادت بوجه غير وجهها، بل وعزمت ع ترك المكان الذي كانت تحيا فيه اقتداء بقاتل ال99نفسا
ومضت الأيام وانقطعنا لكن بقي بيننا ما تعاهدنا عليه، وهو الدعاء لبعضنا بظهر الغيب حتى نلقى الله في جنات نعيم فنروي لبعضنا ما فعلت الأيام بنا.
فاللهم ثبتها على دينك، وهيأ لها ولكل تائب حياة طاهرة نقية حتى يلقاك، اللهم اغفر ذنبها وتقبل توبتها واعف عنها ذنبها وارحمنا وإياها والمسلمين برحمتك.


حرر ونشر في 20 أكتوبر، 2013

هناك تعليقان (2):

  1. اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا

    ردحذف
  2. آمين يارب.. الله يثبتها ويثبتنا ويهدينا ويهدي بنا ..
    جزاك الله خيرا.. ونفع بك الأمة

    ردحذف